المخصرة والقناة والقضيب، والاتكاء والاعتماد على القوس، والخدّ في الأرض، والإشارة بالقضيب، بكلام مستكره سنذكره في الجزء الثاني إن شاء الله. ولا بد من أن نذكر فيه بعض كلام معاوية، ويزيد، وعبد الملك، وابن الزبير، وسليمان، وعمر بن عبد العزيز، والوليد بن يزيد بن الوليد، لأن الباقين من ملوكهم لم يذكر لهم من الكلام الذي يلحق بالخطب، وبصناعة المنطق، إلا اليسير. ولا بد من أن نذكر فيه أقسام تأليف جميع الكلام، وكيف خالف القرآن جميع الكلام الموزون والمنثور، وهو منثور غير مقفى على مخارج الأشعار والأسجاع وكيف صار نظمه من أعظم البرهان، وتأليفه من أكبر الحجج. ولا بد من أن نذكر فيه شأن إسماعيل صلّى الله عليه وآله وانقلاب لغته بعد أربع عشرة سنة، وكيف نسي لغته التي ربي فيها، وجرى على أعراقها وكيف لفظ بجميع حاجاته بالعربية على غير تلقين ولا ترتيب، وحتى لم تدخله عجمة ولا لكنة ولا حبسة، ولا تعلق بلسانه شيء من تلك العادة، إن شاء الله.
ولا بد من ذكر بعض كلام المأمون ومذاهبه، وبعض ما يحضرني من كلام آبائه وجلة رهطه. ولا بد أيضا من ذكر من صعد المنبر فحصر أو خلط، أو قال فأحسن، ليكون أتمّ للكتاب إن شاء الله.
ولا بد من ذكر المنابر ولم اتخذت، وكيف كانت الخطباء من العرب في الجاهلية وفي صدر الإسلام، وهل كانت المنابر في أمّة قط غير أمتنا، وكيف كانت الحال في ذلك. وقد ذكرنا أن الأمم التي فيها الأخلاق والآداب والحكم والعلم أربع، وهي: العرب، والهند، وفارس، والروم. وقال حكيم بن عياش الكلبيّ:
ألم يك ملك أرض الله طرّا ... لأربعة له متميزينا
لحمير والنجاشي وابن كسرى ... وقيصر غير قول الممترينا
فما أدري بي سبب وضع الحبشة بهذا المكان. وأما ذكره لحمير فإن كان إنما ذهب إلى تبّع نفسه في الملوك، فهذا له وجه. وأما النجاشي فليس هو عند الملوك في هذا المكان، ولو كان النجاشي في نفسه فوق تبّع وكسرى