ألا أيها الركب المخبون هل لكم ... بسيّد أهل الشام تحبوا وترجعوا
أسيلم ذاكم لا خفا بمكانه ... لعين ترجّي أو لأذن تسمّع
من النفر البيض الذين إذا انتموا ... وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا
جلا الأزفر الأحوى من المسك فرقه ... وطيب الدّهان رأسه فهو أنزع
إذا النفر السود اليمانون حاولوا ... له حوك برديه أرقّوا وأوسعوا
وهذا الشعر من أشعار الحفظ والمذاكرة.
الهيثم بن عدي قال: قدمت وفود العراق على سليمان بن عبد الملك، بعد ما استخلف، فأمرهم بشتم الحجاج، فقاموا يشتمونه، فقال بعضهم إن عدو الله الحجاج، كان عبدا زبابا، قنّورا ابن قنّور «١» ، لا نسب له في العرب. فقال سليمان: أي شتم هذا؟ إن عدو الله الحجاج كتب إليّ:
«إنما أنت نقطة من مداد، فإن رأيت فيّ ما رأى أبوك وأخوك كنت لك كما كنت لهما، وإلا فأنا الحجاج وأنت النقطة، فإن شئت محوتك، وإن شئت أثبتك» .. فالعنوه لعنة الله! فأقبل الناس يلعنون، فقام ابن أبي بردة بن أبي موسى فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرك عن عدو الله بعلم. قال: هات.
قال: كان عدو الله يتزيّن تزيّن المومسة، ويصعد على المنبر فيتكلم بكلام الأخيار، وإذا نزل عمل الفراعنة وأكذب في حديثه من الدجال.
فقال سليمان لرجاء بن حيوة: هذا وأبيك الشتم لا ما تأتي به هذه السّفلة. وعن عوانة قال: قطع ناس من عمرو بن تميم وحنظلة، على الحجاج ابن يوسف، فكتب إليهم:
من الحجاج بن يوسف. أما بعد فإنكم قد استصحبتم الفتنة- وقال بعضهم قد استنجتم الفتنة- فلا عن حق تقاتلون، ولا عن منكر تنهون، وأيم الله إني لأهمّ أن يكون أول ما يرد عليكم من قبلي خيل تنسف الطارف والتالد، وتخلي النساء أيامى، والأبناء يتامى، والديار خرابا، والسواد بياضا، فأيّما