المتمكن والقوة المتصرفة، كنحو ما أعطى الله تبارك وتعالى نبيه موسى عليه السلام من التوفيق والتسديد، مع لباس التقوى وطابع النبوة، ومع المحنة والاتساع في المعرفة، ومع هدي النبيين وسمت المرسلين، وما يغشيهم الله به من القبول والمهابة. ولذلك قال بعض شعراء النبي صلّى الله عليه وآله:
لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بداهته تنبيك بالخبر
ومع ما أعطى الله تبارك وتعالى موسى، عليه السلام، من الحجة البالغة، ومن العلامات الظاهرة، والبرهانات الواضحة، إلى أن حل الله تلك العقدة وأطلق تلك الحبسة، وأسقط تلك المحنة. ومن أجل الحاجة إلى حسن البيان، وإعطاء الحروف حقوقها من الفصاحة- رام أبو حذيفة إسقاط الراء من كلامه، وإخراجها من حروف منطقه، فلم يزل يكابد ذلك ويغالبه، ويناضله ويساجله، ويتأتى لستره والراحة من هجنته، حتى انتظم له ما حاول، واتسق له ما أمل.
ولولا استفاضة هذا الخبر وظهور هذه الحال حتى صار لغرابته مثلا، ولطرافته معلما، لما استجزنا الإقرار به، والتأكيد له. ولست أعني خطبه المحفوظة ورسائله المخلدة، لأن ذلك يحتمل الصنعة، وإنما عنيت محاجة الخصوم ومناقلة الأكفاء، ومفاوضة الإخوان.
واللثغة في الراء تكون بالغين والذال والياء، والغين أقلها قبحا، وأوجدها في كبار الناس وبلغائهم وأشرافهم وعلمائهم.
وكانت لثغة محمد بن شبيب المتكلم، بالغين، فإذا حمل على نفسه وقوم لسانه أخرج الراء. وقد ذكره في ذلك أبو الطروق الضبي فقال:
عليم بإبدال الحروف وقامع ... لكل خطيب يغلب الحق باطله
وكان واصل بن عطاء قبيح اللثغة شنيعها، وكان طويل العنق جدا، ولذلك قال بشار الأعمى: