للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد

فقال عمر: ذاك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وقد كان الناس يستحسنون قول الأعشى:

تشبّ لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والمحلق

فلما قال الحطيئة البيت الذي كتبناه قبل هذا سقط بيت الأعشى.

وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يزال المسروق منه في تهمة من هو بريء، حتى يكون أعظم جرما من السارق» .

وقال ابو الحسن: أجرى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الخيل وسبق بينها، فجاء فرس له أدهم سابقا، فجثا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ركبتيه وقال: «ما هو إلا بحر» .

فقال عمر بن الخطاب: كذب الحطيئة حيث يقول:

وإن جياد الخيل لا تستفزنا ... ولا جاعلات العاج فوق المعاصم

وقد زعم ناس من العلماء أنه لم يستفزه سبق فرسه، ولكنه أراد إظهار حب الخيل وتعظيم شأنها.

وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يأكل على الأرض، ويجلس على الأرض ويلبس العباء، ويجالس المساكين، ويمشي في الأسواق، ويتوسد يده، ويقصّ من نفسه، ويلطع أصابعه، ولا يأكل متكئا، ولم يرقط ضاحكا ملء فيه. وكان يقول: «إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، واشرب كما يشرب العبد، ولو دعيت إلى ذراع لأجبت، ولو أهدي إلي كراع لقبلت» . ولم يأكل قط وحده، ولا ضرب عبده، ولا ضرب أحدا بيده إلا في سبيل ربه. ولو لم يكن من كرم عفوه وثخانة حلمه، إلا ما كان منه يوم فتح مكة، لقد كان ذلك من أكمل الكمال وأوضح البرهان. وذلك أنه حين دخل مكة عنوة وقد قتلوا أعمامه وبني أعمامه، وأولياءه وأنصاره، بعد أن حصروه في الشعاب، وعذبوا أصحابه بأنواع العذاب، وجرحوه في بدنه، وآذوه في نفسه، وسفهوا عليه، وأجمعوا

<<  <  ج: ص:  >  >>