أحب إليك، أمالك أم مال مولاك؟ قال: بل مالي. قال:«فمالك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو أعطيت فأمضيت. وما سوى ذلك للوارث» .
وذكر أبو المقدام هشام بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي قال:
دخلت على عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه، فجعلت أحد النظر إليه، فقال لي: يا ابن كعب، ما لك تحد النظر إلي؟ قلت: لما نحل من جسمك، وتغير من لونك. قال: فكيف لو رأيتني بعد ثالثة في قبري، وقد سالت حدقتاي على وجنتي وابتدر فمي وأنفي صديدا ودودا، كنت والله أشدّ نكرة لي. أعد علي حديثا كنت حدثتنيه عن عبد الله بن عباس. قال: سمعت ابن عباس يقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن لكل شيء شرفا، وإن أشرف المجالس ما استقبل به القبلة، ومن أحب أن يكون أعز الناس فليتق الله. ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله. ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يدي الله أوثق منه بما في يديه» ، ثم قال:«ألا أنبئنكم بشرار الناس؟» فقالوا: بلى يا رسول الله. قال:«من نزل وحده، ومنع رفده، وجلد عبده» . ثم قال:«ألا أنبئكم بشر من ذلك؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال:«من لا يقيل عثرة، ولا يقبل معذرة، ولا يغفر ذنبا» .
ثم قال:«ألا أنبئكم بشر من ذلك؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال:«من يبغض الناس ويبغضونه. إن عيسى بن مريم عليه السلام قام خطيبا في بني اسرائيل فقال: يا بني اسرائيل، لا تكلموا بالحكمة عند الجهال فتظلموها، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم، ولا تظلموا ولا تكافئوا ظالما فيبطل فضلكم. يا بني اسرائيل، الأمور ثلامة: أمر تبين رشده فاتبعوه، وأمر تبين غيه فاجتنبوه، وأمر اختلف فيه فإلى الله فردوه» .
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم:«كل قوم على زينة من أمرهم، ومفلحة في أنفسهم، يزرون على من سواهم. ويتبين الحق في ذلك بالمقايسة بالعدل عند أولى الألباب من الناس» .