حدثني أبو سعيد عبد الكريم بن روح «١» قال: قال أهل مكة لمحمد بن المناذر الشاعر: ليست لكم معاشر أهل البصرة لغة فصيحة، إنما الفصاحة لنا أهل مكة. فقال ابن المناذر: أما ألفاظنا فأحكى الألفاظ للقرآن، وأكثرها له موافقة، فضعوا القرآن بعد هذا حيث شئتم. أنتم تسمون القدر برمة وتجمعون البرمة على برام، ونحن نقول قدر ونجمعها على قدور، وقال الله عز وجل:
وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ
. وأنتم تسمون البيت إذا كان فوق البيت علية، وتجمعون هذا الاسم على علالي، ونحن نسميه غرفة ونجمعها على غرفات وغرف. وقال الله تبارك وتعالى: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ
وقال: وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ
. وأنتم تسمون الطلع الكافور والا غريض ونحن نسميه الطلع. وقال الله تبارك وتعالى: وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ
. فعد عشر كلمات لم أحفظ أنا منها إلا هذا. ألا ترى أن أهل المدينة لما نزل فيهم ناس من الفرس في قديم الدهر علقوا بألفاظ من ألفاظهم، ولذلك يسمون البطيخ الخربز، ويسمون السميط الرزدق «٢» ، ويسمون المصوص المزور «٣» ، ويسمون الشطرنج الاشترنج، في غير ذلك من الأسماء وكذلك أهل الكوفة، فإنهم يسمون المسحاة بال، وبال بالفارسية.
ولو علق ذلك لغة أهل البصرة إذ نزلوا بأدنى بلاد فارس وأقصى بلاد العرب كان ذلك أشبه، إذ كان أهل الكوفة قد نزلوا بأدنى بلاد النبط وأقصى بلاد العرب.
ويسمي أهل الكوفة الحوك الباذروج «٤» ، والباذروج بالفارسية، والحوك كلمة عربية. وأهل البصرة إذ التقت أربع طرق يسمونها مربعة، ويسميها أهل الكوفة الجهار سوك، والجهار سوك بالفارسية. ويسمون السوق والسويقة