أيها الناس، إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان لا يتأخر ولا يتقدم إلا بإذن الله وأمره ووحيه، أنزل الله كتابا بيّن له فيه ما يأتي وما يتقي، ولم يك في شك من دينه، ولا في شبهة من أمره، ثم قبضه الله وقد علّم المسلمين معالم دينهم، وولى أبا بكر صلاتهم، فولاه المسلمون أمر دنياهم حين ولاه رسول الله أمر دينهم، فقاتل أهل الردّة، وعمل بالكتاب والسنة، فمضى لسبيله رحمة الله عليه.
ثم ولي عمر بن الخطاب رحمه الله، فسار بسيرة صاحبه، وعمل بالكتاب والسنة، وجبى الفيء، وفرض الأعطية، وجمع الناس في شهر رمضان، وجلد في الخمر ثمانين، وغزا العدو في بلادهم، ومضى لسبيله رحمة الله عليه.
ثم ولي عثمان بن عفان فسار ستّ سنين بسيرة صاحبيه، وكان دونهما ثم سار في الست الأواخر بما أحبط به الأوائل، ثم مضى لسبيله.
ثم ولي عليّ بن أبي طالب، فلم يبلغ من الحق قصدا، ولم يرفع له منارا، ثم مضى لسبيله.
ثم ولي معاوية بن أبي سفيان لعين رسول الله وابن لعينه، فاتخذ عباد الله خولا، ومال الله دولا، ودينه دغلا، ثم مضى لسبيله، فالعنوه لعنة الله.
ثم ولي يزيد بن معاوية، ويزيد الخمور، ويزيد القرود، ويزيد الفهود، الفاسق في بطنه، المأبون في فرجه، فعليه لعنة الله وملائكته.
ثم اقتصهم خليفة خليفة، فلما انتهى إلى عمر بن عبد العزيز أعرض عنه، ولم يذكره. ثم قال:
ثم ولي يزيد بن عبد الملك الفاسق في دينه، المأبون في فرجه، الذي لم يؤنس منه رشد، وقد قال الله تعالى في أموال اليتامى: فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ
، فأمر أمة محمد عليه السلام أعظم. يأكل الحرام ويشرب الخمر، ويلبس الحلة قوّمت بألف دينار، قد ضربت فيها