قال: وأدخل مالك بن أسماء سجن الكوفة، فجلس إلى رجل من بني مرة، فاتكأ المريّ عليه يحدثه حتى أكثر وغمه، ثم قال: هل تدري كم قتلنا منكم في الجاهلية؟ قال مالك: أما في الجاهلية فلا، ولكني أعرف من قتلتم منا في الإسلام.
قال المري: ومن قتلنا منكم في الإسلام؟ قال: أنا، قد قتلتني غما! قال: ودخل رجل من محارب قيس على عبد الله بن يزيد الهلالي، وهو عامل على أرمينية، وقد بات في موضع قريب منه غدير فيه ضفادع، فقال عبد الله للمحاربي: ما تركتنا أشياخ محارب ننام في هذه الليلة، لشدة أصواتها. فقال المحاربي: أصلح الله الأمير، إنها أضلّت برقعا لها، فهي في بغائه «٢» . أراد الهلالي قول الأخطل:
تنقّ بلا شيء شيوخ محارب ... وما خلتها كانت تريش ولا تبري
ضفادع في ظلماء ليل تجاوبت ... فدلّ عليها صوتها حية البحر
وأراد المحاربي قول الشاعر:
لكلّ هلاليّ من اللؤم برقع ... ولابن هلال برقع وقميص