وقد ذكر الشاعر زيد بن جندب الإيادي، الخطيب الأزرقي، في مرثيته لأبي داود بن حريز الإيادي، حيث ذكره بالخطابة وضرب المثل بخطباء إياد، فقال:
كقس إياد أو لقيط بن معبد ... وعذرة والمنطيق زيد بن جندب
وزيد بن جندب هو الذي قال في الاختلاف الذي وقع بين الأزارقة:
قل للمحلين قد قرت عيونكم ... بفرقة القوم والبغضاء والهرب
كنا أناسا على دين ففرقنا ... طول الجدال وخلط الجد باللعب
ما كان أغنى رجالا ضل سعيهم ... عن الجدال وأغناهم عن الخطب
إني لأهونكم في الأرض مضطربا ... ما لي سوى فرسي والرمح من نشب
وأما عذرة المذكور في البيت الأول فهو عذرة بن حجيرة الخطيب الإيادي. ويدل على قدره فيهم، وعلى قدره في اللسن وفي الخطب، قول شاعرهم:
وأي فتى صبر على الأين والظما ... إذ اعتصروا للوح ماء فظاظها «١»
إذا ضرجوها ساعة بدمائها ... وحل عن الكوماء عقد شظاظها «٢»
فإنك ضحاك إلى كل صاحب ... وأنطق من قس غداة عكاظها
إذا شغب المولى مشاغب معشر ... فعذرة فيها آخذ بكظاظها «٣»
فلم يضرب هذا الشاعر الإيادي المثل لهذا الخطيب الإيادي، إلا برجل من خطباء إياد، وهو قس بن ساعدة. ولم يضرب صاحب مرثية أبي داود بن حريز الإيادي المثل إلا بخطباء إياد فقط، ولم يفتقر إلى غيرهم، حيث قال في عذرة بن حجيرة: