مقامات الصّلح وسل السخيمة «١» ، والقول عند المعاقدة والمعاهدة، وترك اللفظ يجري على سجيته وعلى سلامته، حتى يخرج على غير صنعة ولا اجتلاب تأليف، ولا التماس قافية، ولا تكلف لوزن. مع الذي عابوا من الاشارة بالعصي، والإتكاء على أطراف القسيّ، وخدّ وجه الأرض بها، واعتمادها عليها إذا اسحنفرت «٢» في كلامها، وافتنّت يوم الحفل في مذاهبها، ولزومهم العمائم في أيام الجموع، وأخذ المخاصر في كل حال، وجلوسها في خطب النّكاح، وقيامها في خطب الصلح وكل ما دخل في باب الحمالة، وأكدّ شأن المحالفة، وحقق حرمة المجاورة، وخطبهم على رواحلهم في المواسم العظام، والمجامع الكبار. والتماسح بالأكفّ، والتحالف على النار، والتعاقد على الملح، وأخذ العهد الموكد واليمين الغموس مثل قولهم: ما سرى نجم وهبّت ريح، وبلّ بحر صوفة «٣» ، وخالفت جرّة درة «٤» . ولذلك قال الحارث ابن حلزة اليشكري:
واذكروا حلف ذي المجاز وما ق ... دّم فيه: العهود والكفلاء
حذر الخون والتعدي وهل ... تنقض ما في المهارق الأهواء
الخون: الخيانة. ويروى:«الجور» .
وقال أوس بن حجر:
إذا استقبلته الشمس صدّ بوجهه ... كما صدّ عن نار المهول حالف
وقال الكميت:
كهولة ما أوقد المحلفون ... لدى الحالفين وما هوّلوا