لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا ... وما علّم الإنسان إلا ليعلما
وقال الفرزدق بن غالب:
نإن كنت أستأني حلوم مجاشع ... فإن العصا كانت لذي الحلم تقرع
ومن ذلك حديث سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، واعتزام لملك على قتل أخيه إن هو لم يصب ضميره، فقال له سعد: أبيت اللعن تدعني حتى أقرع بهذه العصا أختها؟ فقال له الملك: وما علمه بما تقول العصا؟ فقرع بها مرة وأشار بها مرة، ثم رفعها ثم وضعها، ففهم المعنى فأخبره ونجا من القتل.
وذكر العصا يجري عندهم في معان كثيرة. تقول العرب:«العصا من العصية، والأفعى بنت حية» ، تريد أن الأمر الكبير يحدث عن الأمر الصغير.
ويقال:«طارت عصا فلان شققا» . وقال الأسدي:
عصيّ الشمل من أسد أراها ... قد انصدعت كما انصدع الزجاج
ويقال:«فلان شق عصا المسلمين» ، ولا يقال شق ثوبا ولا غير ذلك مما يقع عليه اسم الشق. وقال العتّابي في مديح بعض الخلفاء:
إمام له كف يضمّ بنانها ... عصا الدين ممنوعا من البري عودها
وعين محيط بالبرية طرفها ... سواء عليه قربها وبعيدها
وقال مضّرس الأسدي:
فألقت عصا التسيار عنها وخيمت ... بأرجاء عذب الماء بيض محافره
وقال أيضا:
فألقت عصاها واستقرت بها النوى ... كما قرّ عينا بالأياب المسافر