المرسلين، وكبار النبيين، لان الشعوبية قد طعنت في جملة هذا المذهب على قضيب النبي صلّى الله عليه وسلّم وعنزته، وعلى عصاه ومخصرته، وعلى عصا موسى، لأن موسى صلّى الله عليه وسلّم قد كان اتخذها من قبل أن يعلم ما عند الله فيها، وإلام يكون صيّور أمرها «١» . ألا ترى أنه لما قال الله عز وجل: وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى
. وبعد ذلك قال: قالَ أَلْقِها يا مُوسى. فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى
. ومن يستطيع أن يدّعي الإحاطة بما فيها من مآرب موسى إلا بالتقريب وذكر ما خطر على البال؟! وقد كانت العصا لا تفارق يد سليمان بن داود عليه السلام في مقاماته وصلواته، ولا في موته ولا في أيام حياته، حتى جعل الله تسليط الأرضة عليها وسليمان ميّت وهو معتمد عليها، من الآيات عند من كان لا يعلم أن الجن لم تكن تعلم إلا ما تعلم الإنس.
ولو علم القوم أخلاق كل ملة، وزي أهل كل لغة وعللهم في ذلك، واحتجاجهم له، لقل شغبهم، وكفونا مؤونتهم. هذه الرهبان تتخذ العصيّ، من غير سقم ولا نقصان في جارحة. ولا بد للجاثليق من قناع ومن مظلة وبرطلّة، ومن عكّاز ومن عصا، من غير أن يكون الداعي إلى ذلك كبرا ولا عجزا في الخلقة.
وما زال المطيل القيام بالموعظة أو القراءة أو التلاوة يتخذ العصا عند طول القيام، ويتوكأ عليها عند المشي. كأن ذلك زائد في التكهل والزمانة «٢» ، وفي نفي السخف والخفة.