وكان عمر جعل رياسة بكر لمجزأة بن ثور، فلما استشهد مجزأة جعلها أبو موسى لخالد بن المعمر، ثم ردها عثمان إلى شقيق بن مجزأة بن ثور، فلما خرج أهل البصرة إلى صفين تنازع شقيق وخالد الرياسة، فصيرها عند ذلك علي إلى حضين بن المنذر، فرضي كل واحد منهما وكان يخاف أن يصيّرها إلى خصمه، فسكنت بكر وعرف الناس صحة تدبير علي في ذلك.
وأما قول الآخر:
يا ليت لي نعلين من جلد الضبع ... وشركا من أستها لا تنقطع «١»
كلّ الحذاء يحتذي الحافي الوقع
فهذا كلام محتاج، والمحتاج يتجوز.
وأما قول النجاشي لهند بن عاصم:
إذا الله حيا صالحا من عباده ... كريما فحيا الله هند بن عاصم
وكلّ سلولي إذا ما لقيته ... سريع إلى داعي الندى والمكارم
ولا يأكل الكلب السروق نعالهم ... ولا تنتقي المخّ الذي في الجماجم
قال يونس: كانوا لا يأكلون الأدمغة، ولا ينتعلون إلا بالسبت.
وقال كثير:
إذا نبذت لم تطّب الكلب ريحها ... وإن وضعت في مجلس القوم شمّت
وقال عتيبة بن مرداس، وهو ابن فسوة:
إلى معشر لا يخصفون نعالهم ... ولا يلبسون السبت ما لم يخصّر
وإذا مدح الشاعر النعل بالجودة فقد بدأ بمدح لابسها قبل أن يمدحها.
قال الله تبارك وتعالى لموسى: فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ