قال ابن الأعرابي: كان العباس بن زفر لا يكلم أحدا حتى تنبسط الشمس، فإذا إنفتل عن مصلاه ضرب الأعناق، وقطع الأيدي والأرجل. وكان جرير بن الخطفي لا يتكلم حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت قذف المحصنات.
قال: ومرت به جنازة فبكى وقال: أحرقتني هذه الجنائز! قيل: فلم تقذف المحصنات؟ قال: يبدو لي ولا أصبر.
وكان يقول: أنا لا أبتدي ولكن أعتدي.
الحسن بن الربيع الكندي بإسناد له، قال: قال رجل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: دلني على عمل إذا أنا عملته أحبني الله وأحبني الناس. قال:«إزهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس» .
قال: وبلغني عن القاسم بن مخيمرة الهمداني، أنه قال: إني لأغلق بابي فما يجاوزه همي.
وقال أبو الحسن: وجد في حجر مكتوب: يا بن آدم، لو إنك رأيت يسير ما بقي من أجلك لزهدت في طول ما ترجو من أملك، ولرغبت في الزيادة في عملك، ولقصرت في حرصك وحيلك. وإنما يلقاك غدا ندمك لو قد زلت بك قدمك، وأسلمك أهلك وحشمك، وتبرأ منك القريب، وانصرف عنك الحبيب، فلا أنت إلى أهلك بعائد، ولا في عملك بزائد.
وقال عيسى بن مريم صلوات الله عليه:«تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير العمل، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بالعمل» .
قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى الدنيا: من خدمني فاخدميه، ومن خدمك فاستخدميه.