لا يحفل البرد من يبلي حواشيه ... ولا تبالي على من راحت الإبل
وقال الآخر:
ألا لا يبالي البرد من جرّ فضله ... كما لا تبالي مهرة من يقودها
وقال الآخر:
وإني لأرثي للكريم إذا غدا ... على حاجة عند اللئيم يطالبه
وأرثي له من مجلس عند بابه ... كمرثيتي للطرف والعلج راكبه
وقال الفرزدق:
أترجو ربيع أن تجيء صغارها ... بخير وقد أعيا ربيعا كبارها
وقال الشاعر:
ألم تر أن سير الخير ريث ... وإن الشرّ راكبه يطير
وقال ابن يسير:
تأتي المكاره حين تأتي جملة ... وترى السرور يجي مع الفلتات
قيل لبلال بن أبي بردة: لم لا تولي أبا العجوز بن أبي شيخ العراف- وكان بلال مسترضعا فيهم، وهو من بلهجيم- قال: لأني رأيت منه ثلاثا: رأيته يحتجم في بيوت أخوانه، ورأيت عليه مظلة وهو في الظل، ورأيته يبادر بيض البقيلة.
وكان عندي شيخ عظيم البدن جهير الصوت، يستقصي الأعراب، وقد ولده رجل من أهل الشورى، وكان بقربي عبد أسود دقيق العظم يم الوجه، ورآني أكبره، فقال لي حين نهض ورأى عظما: يا أبا عثمان، لا والله أن يساوي ذلك العظم البالي، بصرت عيني به في الحمام وتناول قطعة من فخار فأعطاها رجلا وقال له: حكّ بها ظهري! افتظن هذا يا أبا عثمان يفلح أبدا.