للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأراد عمر الكلام فقال أبو بكر:

«على رسلك. نحن المهاجرون، أول الناس إسلاما، وأوسطهم دارا، وأكرم الناس أحسابا، وأحسنهم وجوها، وأكثر الناس ولادة في العرب، وأمسهم رحما برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. أسلمنا قبلكم وقدمنا في القرآن عليكم، فأنتم إخواننا في الدين وشركاؤنا في الفيء، وأنصارنا على العدو، آويتم ونصرتم ووآسيتم، فجزاكم الله خيرا. نحن الأمراء وأنتم الوزراء. لا تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش، وأنتم محقوقون ألا تنفسوا على أخوانكم من المهاجرين ما ساق الله إليهم» .

قالوا: فإنا قد رضينا وسلمنا.

عيسى بن يزيد قال: قال أبو بكر رحمه الله:

«نحن أهل الله، وأقرب الناس بيتا من بيت الله، وأمسهم رحما برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. إن هذا الأمر إن تطاولت له الخزرج لم تقصر عنه الأوس، وإن تطاولت له الأوس لم تقصر عنه الخزرج. وقد كان بين الحيين قتلى لا تنسى، وجرحى لا تداوى. فإن نعق منكم ناعق فقد جلس بين لحيي «١» أسد، يضغمه المهاجري ويجرحه الأنصاري» .

قال ابن دأب: فرماهم والله بالمسكتة.

من حديث ابن أبي سفيان بن حويطب، عن أبيه عن جده قال:

قدمت من عمرتي فقال لي أهلي: أعلمت أن أبا بكر بالموت؟ فأتيته فإذا عيناه تذرقان، فقلت: يا خليفة رسول الله أليس كنت أول من أسلم وثاني إثنين في الغار، فصدقت هجرتك وحسنت نصرتك، ووليت فأحسنت صحبتهم، واستعملت خيرهم عليهم؟ قال: وحسنا ما صنعت؟ قلت: نعم والله. قال:

الله؟! والله أشكر له واعلم به، ولا يمنعني ذلك من أن أستغفر الله.

فما خرجت حتى مات.

<<  <  ج: ص:  >  >>