وقال سهل بن هارون: العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، والبيان ترجمان العلم.
وقال صاحب المنطق: حد الإنسان: الحي الناطق المبين.
وقالوا: حياة المروءة الصدق، وحياة الروح العفاف، وحياة الحلم العلم، وحياة العلم البيان.
وقال يونس بن حبيب: ليس لعيي مروءة، ولا لمنقوص البيان بهاء، ولو حك بيافوخه أعنان السماء.
وقالوا: شعر الرجل قطعة من كلامه، وظنه قطعة من علمه، واختياره قطعة من عقله.
وقال ابن التوأم: الروح عماد البدن، والعلم عماد الروح، والبيان عماد العلم.
قد قلنا في الدلالة باللفظ. فأما الإشارة فباليد، وبالرأس، وبالعين والحاجب والمنكب، إذا تباعد الشخصان، وبالثوب وبالسيف. وقد يتهدد رافع السيف والسوط، فيكون ذلك زاجرا، ومانعا رادعا، ويكون وعيدا وتحذيرا.
والإشارة واللفظ شريكان، ونعم العون هي له، ونعم الترجمان هي عنه. وما أكثر ما تنوب عن اللفظ، وما تغني عن الخط. وبعد فهل تعدو الإشارة أن تكون ذات صورة معروفة، وحلية موصوفة، على اختلافها في طبقاتها ودلالاتها. وفي الإشارة بالطرف والحاجب وغير ذلك من الجوارح، مرفق كبير ومعونة حاضرة، في أمور يسترها بعض الناس من بعض، ويخفونها من الجليس وغير الجليس. ولولا الإشارة لم يتفاهم الناس معنى خاص الخاص، ولجهلوا هذا الباب البتة. ولولا أن تفسير هذه الكلمة يدخل في باب صناعة الكلام لفسرتها لكم. وقد قال الشاعر في دلالات الإشارة:
أشارت بطرف العين خيفة أهلها ... إشارة مذعور ولم تتكلم
فأيقنت أن الطرف قد قال مرحبا ... وأهلا وسهلا بالحبيب المتيم