وقال عبد العزيز بن زرارة الكلابيّ:
وليلة من ليالي الدهر صالحة ... باشرت في هولها مرأى ومستمعا
ونكبة لو رمى الرامي بها حجرا ... أصمّ من جندل الصمان لأنصدعا «١»
مرّت علي فلم أطرح لها سلبي ... ولا استكنت لها وهنا ولا جزعا
وما أزال على أرجاء مهلكة ... يسائل المعشر الأعداء ما صنعا
ولا رميت على خصم بفاقرة ... إلا رميت بخصم فرّ لي جذعا «٢»
ما سدّ مطلع يخشى الهلاك به ... إلا وجدت بظهر الغيب مطّلعا
لا يملأ الهول قلبي قبل موقعه ... ولا أضيق به صدرا إذا وقعا
وقال آخر:
لقد طال إعراضي وصفحي عن التي ... أبلّغ عنكم والقلوب قلوب
وطال انتظاري عطفة الرحم منكم ... ليرجع ودّ أو ينيب منيب
فلا تأمنوا مني عليكم شبيهها ... فيرضي بغيض أو يساء حبيب
وتظهر منا في المقام ومنكم ... إذا ما ارتمينا في النضال عيوب
وإن لسان الباحث الداء ساخطا ... بني عمنا، ألوى البيان كذوب
وقال الأشهب بن رميلة:
إن الألى حانت بفلج دماؤهم ... هم القوم كل القوم يا أمّ خالد
هم ساعد الدهر الذي يتّقى به ... وما خير كفّ لا تنوء بساعد
أسود شرىّ لاقت أسود خفيّة ... تساقوا على صرد دماء الأساود
قوله: «ساعد الدهر» ، إنما هو مثل، وهذا الذي تسميه الرواة البديع.
وقد قال الراعي:
هم كاهل الدهر الذي يتّقى به ... ومنكبه إن كان للدهر منكب