للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - قال الحافظ: «ويحتمل أن يكون المراد بالتنصيف في حديث الباب الحمل على المال الذي يعطيه الرجل في نفقة المرأة، فإذا أنفقت منه بغير علمه كان الأجر بينهما للرجل لكونه الأصل في اكتسابه، ولكونه يؤجر على ما ينفقه على أهله كما ثبت من حديث سعد بن أبي وقاص وغيره، وللمرأة لكونه من النفقة التي تختص بها، ويؤيد هذا الحمل ما أخرجه أبو داود (١) عقب حديث أبي هريرة هذا قال: في المرأة تصدق من بيت زوجها. قال: لا إلا من قوقا، والأجر بينهما، ولا يحل لها أن تصدق من مال زوجها إلا بإذنه. قال أبو داود: في رواية أبي الحسن بن العبد عقبه: هذا يضعف حديث همام. (أي الحديث المتقدم) ومراده أنه يضعف حمله على التعميم، أما الجمع بينهما بما دل عليه هذا الثاني فلا» (٢).

٣ - واستدلوا أيضًا بما أخرجه مسلم (٣) في صحيحه من طريق عمير مولى أبي اللحم قال: أمرني مولاي أن أقدد لحمًا، فجاءني مسكين فأطعمته منه، فعلم بذلك مولاي، فضربني، فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فدعاه، فقال: «لم ضربته؟ فقال: يعطي طعامي بغير أن آمره. فقال: «الأجر بينكما».

فإذا أمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصرف الخادم في العطاء، فالزوجة من باب أولى، وفرق بعضهم بين الزوجة والخادم بأن الزوجة لها حق في مال الزوج، ولها النظر في بيتها، فجاز لها أن تتصدق بما لا يكون إسرافًا لكن بمقدار العادة، وما يعلم أنه لا يؤلم زوجها، فأما الخادم فليس له تصرف في متاع مولاه ولا حكم، فيشترط الإذن في عطية الخادم دون الزوجة، ومع ذلك أمضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تصرفه، فالزوجة أولى.


(١) (٢/ ١٣١) ١٦٨٨. قال الألباني في صحيح سنن أبي داود: «صحيح موقوف» (١٦٨٨).
(٢) الفتح (٩/ ٢٩٧).
(٣) كتاب الزكاة، باب: ما أنفق العبد من مال مولاه (٢/ ٧١١) ١٠٢٦.

<<  <   >  >>