للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنكشف أقدامهن. قال: «فيرخينه ذراعًا لا يزدن عليه» واللفظ للترمذي. وقال: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الألباني (١). قلت: وهو كما قالا حديث صحيح.

وفي الحديث تحلي نساء السلف الصالح رضوان الله عليهن بخلق الحياء وشيمة العفاف، فكانت المبادرة منهن بسؤال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ومراجعته في إسبال ذيل المرأة، رغبة منهن في إسباغ الثياب وإرخاء الحجاب وستر العورة، ونفورًا من دواعي الفتنة، ومظاهر الزينة التي في عنها في الخروج (٢).

وفيه أن قدم المرأة عورة؛ ولذا كان إسبال الثياب لسترها من الانكشاف، فالأصل هو الستر وليس الجر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- «هذا الإسبال ليس مُعَيّنًا للستر، فلو لبست المرأة سراويل أو خفًا واسعًا صلبًا كالموق، وتدلى فوقه الجلباب بحيث لا يظهر حجم القدم لكان هذا محصلًا للمقصود» (٣).

وتَرَعيْ -جملك الله بالحياء- في الحديث روعة الحياء حين يبلغ مكانته اللائقة به من شعور المؤمنة، فيكون لسلطانه النقي نفوذ بليغ إلى سلوكها … فيهذبه، ويصلحه، ويزكيه سواء كانت في بيتها أو خارجه مع القريب أو البعيد، ألست تراها حقيقة ملموسة في شخصية أم سلمة -رضي الله عنها- بعدما فرض الحجاب، وهي تراجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في إطالة ثياب النساء، ووفرة ذيولهن؟ فيرخي لهن شبرًا، وتلح أخرى رغبة في مزيد من الستر؛ لئلا تنكشف أقدامهن، فيوفيهن ذراعًا لا يزدن عليه.


(١) صحيح جامع الترمذي (٤/ ٢٢٣) ١٧٣١.
(٢) يراجع: مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٤٧)، الدرر السنية (١٥/ ٢٥٠).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٤٨).

<<  <   >  >>