للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانظر إلى تقديمها بين يدي سؤالها، يظهر أن من حسن طرح السؤال التقديم له بوصف الحال المرتبطة بالفتوى؛ ليتمكن المفتي من فهم المراد فهمًا تامًا، ومن ثم بيان المقصود بيانًا شافيًّا حيث إنها قدمت بهذا الكلام لبسط عذرها في ذكر ما تستحي النساء من ذكره بحضرة الرجال، ومنه أخذ العلماء حكمًا فقهيًّا قال ابن قدامة في المغني: «فخروج المني الدافق بشهوة يوجب الغسل من الرجل والمرأة في يقظة أو في نوم وهو قول عامة الفقهاء، قاله الترمذي» (١) وذكروا أيضًا أنه لا غسل على المرأة إلا أن ترى الماء، فإن ذكرت احتلامًا ولم تر ماءً لا غسل عليها (٢).

٦ - وتأتي الأدلة تباعًا لتؤكد أمن مع وفور حيائهن لم يكن يستحين من الحق؛ لأن الحياء في طلب العلم ليس شرعيًّا، أخرج البخاري (٣) ومسلم (٤) من حديث عائشة أن أسماء سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن غسل المحيض، فقال «تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها، فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرْصة (٥) ممسكة فتطهر بها. فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: «سبحان الله، تطهرين بها» فقالت عائشة: كأنها تخفي ذلك تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: «تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطهور -أو تبلغ الطهور- ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون


(١) (١/ ١٢٨).
(٢) ينظر: الاستذكار (١/ ٢٩٢)، المغني (١/ ١٣٠)، المجموع (٢/ ١٥٧)، البحر الرائق (١/ ٦٥).
(٣) كتاب الحيض، باب: دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض وكيف تغتسل … (١/ ١١٩) ٣٠٨.
(٤) كتاب الحيض، باب: استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم (١/ ٢٦١) ٣٣٢.
(٥) فرصة: بكسر الفاء وحكى ابن سيدة تثليثها، وبإسكان الراء -قطعة من القطن أو الصوف-.
ينظر: مشارق الأنوار (٢/ ١٥١)، النهاية (٣/ ٤٣١) مادة (ف ر ص)، الفتح (١/ ٤١٥).

<<  <   >  >>