للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرأيت دررًا منظومة في عقد يتحلى به، كسؤال هذه المرأة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما استقاه أهل العلم من فوائده وأحكامه.

٧ - قد يخفى على المرأة الحكم الشرعي في أمر من عبادتها، ومسألة في دينها، ويعزّ عليها الاجتهاد والتماس النصوص الشرعية!

فالمتعين هنا التورع عن العمل بلا علم، وأداء العبادة بلا هدى، ويلزمها سؤال الراسخين في العلم المعرفة الحق المبيّن، أخرج مسلم (١) من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن لي ابنة عريسا أصابتها حصبة فتمرق شعرها، أفأصله؟ قال: «لعن الله الواصلة والمستوصلة».

وانظر -وفقك الله- للهجة هذه الأم الحنون التي تفيء بظلال العاطفة والمحبة الوارفة، وهي تستأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وصل ابنتها الناقهة من المرض، حديثة العهد بالعرس، إن المشاعر الجيّاشة التي تضطرب في فؤاد تلك الوالدة، والرغبة الجامحة لتزيين بُنيتها، وتحقيق فرحتها، لم تسوِّغ لها ارتكاب المنكر … فلم تطب نفسًا بالوصل بحجة الجهل بالحكم، أو احتياج العروس إليه، بل أتت تستفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- راضية بحكمه، مسلمة لأمره.

وما أحوجنا في هذا العصر الذي شاع فيه حب الملذات، وإرضاء الشهوات بالمحرمات، أن نطوع أنفسنا، ونوطنها لما يرضي ربنا عزّ وجل، ونجعل هوانا تبعًا لسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- حتى نحب ما يحبه، وندع ما يبغضه، مقتدين في ذلك بسلفنا الصالح.

واختلف العلماء في «الوِصْلات» المحرمة والمباحة على أقوال، ومذهب الجمهور واختيار الطبري، والنووي، والمرّوزي، والمازري، وغيرهم منع وصل


(١) كتاب اللباس، باب: تحريم فعل الواصلة والمستوصلة (٣/ ١٦٧٦) ٢١٢٢.

<<  <   >  >>