للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانظر -رحمك الله- إلى إرسال ابن عمر خبيبًا إلى عائشة ليسألها عن قول أبي هريرة، فيتحسر على ما فاته، وفي الحديث ما كان الصحابة عليه من الرغبة في الطاعات حين تبلغهم، والتأسف على ما يفوتهم منها (١).

ب- أخرج مسلم (٢) من طريق عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي بكر قال: سمعت أبا هريرة -رضي الله عنه- يقص يقول في قصصه: من أدركه الفجر جنبًا فلا يصم، فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث، لأبيه، فأنكر ذلك، فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة -رضي الله عنهما- فسألهما عبد الرحمن عن ذلك، قال: فكلتاهما قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصبح جنبًا من غير حلم، ثم يصوم، قال: فانطلقنا حتى دخلنا على مروان، فذكر ذلك له عبد الرحمن، فقال مروان: عزمت عليك إلا ما ذهبت إلى أبي هريرة، فرددت عليه ما يقول. قال: فجئنا أبا هريرة، وأبو بكر حاضر ذلك كله. قال: فذكر له عبد الرحمن. فقال أبو هريرة: أهما قالتاه لك؟ قال: نعم. قال: هما أعلم، ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس، فقال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل، ولم أسمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك. قلت لعبد الملك: أقالتا في رمضان؟ قال: كذلك كان يصبح جنبًا من حلم ثم يصوم.

وبقول عائشة وأم سلمة قال جماهير الصحابة والتابعين، قال النووي: «أما حكم المسألة فقد أجمع أهل هذه الأمصار على صحة صوم الجنب سواءٌ كان من احتلام أو جماع، وبه قال جماهير الصحابة والتابعين» (٣).

وانظر فضْل أبي هريرة -رحمه الله- في رجوعه عما كان يقوله لما بلغه الدليل، وعلى


(١) ينظر: إكمال المعلم (٦/ ١٤٢)، شرح النووي (٧/ ١٥).
(٢) كتاب الصوم، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب (٢/ ٧٧٩) ١١٠٩.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ٢٢٢).

<<  <   >  >>