للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لوازم الغم كمودة الوجه، وغيرته وسواده … ولهذا المعين قال: {ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} أي: ممتلئ غما وحزنًا» (١).

وتأمل في الآية موقف الجاهليين من الإناث:

١ - امتلاء القلب حزنًا وغيظًا، واسوداد الوجه؛ لسوء ما بشر به.

٢ - اختفاؤه من صحبه من سوء ما بشر به، لئلا يروا ما هو فيه من الحزن والكآبة؛ أو لئلا يشمتوا به ويعيروه (٢).

٣ - التفكير في مآل ذاك الإنسان، واتخاذ قرار يصادم إنسانية الأب والطفلة {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} فهو بين أمرين: إمّا أن يُمْسكه على هون، والضمير الظاهر في «يُمْسكه» يعود على «ما» في قوله {مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} فهو إمّا أن يبقي المولودة على هوان وذل لها -والهون بمعنى الهوان لغة لقريش (٣) - أو يدفنها حية في التراب فيئدها.

ففكره بين أمرين: إمّا حياة ذل، أو موت وأد -فلا حول ولا قوة إلا بالله- ثم ختم الرب -جل وعلا- آياته بسوء حكمهم، إذ نسبوا له ما يكرهون سبحانه، واختاروا لأنفسهم ما يشتهون.

- وكذا قال سبحانه: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لَا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ} (٤).


(١) التفسير الكبير (٢٠/ ٤٥).
(٢) انظر: الكشاف، للزمخشري (٢/ ٥٧٢)، أضواء البيان، للشنقيطي (٢/ ٣٨٧).
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٣/ ١٢٤).
(٤) النحل: (٦٢).

<<  <   >  >>