للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتفق المفسرون على تأويل قوله: {مَا يَكْرَهُونَ} بالبنات (١)، واختلفوا في قوله: {الْحُسْنَى}:

١ - يقول الطبري: «وأمّا الحسني التي جعلوها لأنفسهم فالذكور من الأولاد؛ وذلك أهم كانوا يعدون الإناث من أولادهم، ويستبقون الذكور منهم، ويقولون لنا الذكور، ولله البنات» (٢) فانظر إلى التبرير الفاسد في وأد البنت، ونسبتها للرب، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.

٢ - قال ابن كثير: {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى} إنكار عليهم في دعواهم مع ذلك أن لهم الحسين في الدنيا، وإن كان ثم معاد ففيه -أيضًا- لهم الحسني، وإخبار عن ما قال بعضهم كقوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ (٩) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ} (٣) وكقوله: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} (٤) … » (٥).

وعلى كل فأقوال المفسرين اختلفت اختلاف تنوع لا تضاد، فلا مانع من حمل الآية على كلا المعنيين.


(١) انظر: تفسير الطبري (١٤/ ١٢٦)، الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (١٠/ ١٢٠)، الدر المنثور (٥/ ١٤١)، تفسير ابن كثير (٢/ ٥٧٤).
(٢) التفسير (١٤/ ١٢٦).
(٣) هود: ١٠.
(٤) فصلت: ٥٠.
(٥) التفسير (٢/ ٥٧٤).

<<  <   >  >>