للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الآية على غزالة أم شبيب؟ هلا قلتم بكفرها، وكفر من خرجن معها من نساء الخوارج إلى قتال جيش الحجاج؟ فإن أجزتم لهن ذلك؛ لأنه كان معهن أزواجهن أو بنوهن وأخوتهن، فقد كان مع عائشة أخوها عبد الرحمن، وابن أختها عبد الله بن الزبير، وكل واحد منهم محرم لها، وجميع المسلمين بنوها، وكل واحد محرم لها، فهلّا أجزتم لها ذلك؟ على أن من أجاز منكم إمامة غزالة فإمامتها لائقة به وبدينه، والحمد لله على العصمة من البدعة» (١).

ثم إن خروج عائشة -رضي الله عنها- لم يكن لأجل الحرب، أو منازعة عليّ في الخلافة، وإنما أنكرت عليه منعه من قتل قتلة عثمان -رضي الله عنه- وترك الاقتصاص منهم، وكان علي ينتظر من أولياء عثمان أن يتحاكموا إليه، فإذا ثبت على أحد بعينه أنه ممن قتل عثمان اقتص منه، فاختلفوا بسبب ذلك، ولتعلق الناس بها -رضي الله عنها- وشكايتهم إليها ما صاروا إليه من عظيم الفتنة، وتهارج الناس، ورجوا بركتها في الإصلاح، وطمعوا في الاستحياء منها إذا وقفت إلى الخلق، وظنت هي ذلك، فخرجت مهتدية بقوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (٢)، وقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (٣).

والأمر بالإصلاح مخاطب به جميع الناس من ذكر أو أنثي حر أو عبد، فلم يرد الله بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع إصلاح، ولكن جرت مطاعنات وجراحات


(١) الفرق بين الفرق (٩٢).
(٢) النساء: (١١٤).
(٣) الحجرات: (٩).

<<  <   >  >>