للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى كاد يفين الفريقان، فعمد بعضهم إلى الجمل فعرقبه، فلما سقط الجمل لجنبه أدرك محمد بن أبي بكر أخته عائشة، فلما احتملها إلى البصرة وخرجت في ثلاثين امرأة حتى أُوصلت إلى المدينة برة تقية مجتهدة مصيبة مثابة، ومأجورة فيما تأولت وفعلت (١).

ثم إن صنيع عائشة -رضي الله عنها- ليس فيه دليل شرعي يصح الاستناد إليه، فإنه كان عن اجتهاد منها، وكانت مخطئة فيه، وقد أنكر عليها بعض الصحابة هذا الخروج (٢)، فاعترفت بخطئها وندمت على خروجها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فإن عائشة لم تقاتل، ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبل خمارها» (٣).

٢ - يستدل المجيزون بحكم بلقيس لليمن، وذكر الله تعالى حكمها في كتابه حيث قال عز من قائل سبحانه على لسانها: {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢) قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ (٣٣) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (٤).

وفي الآية الكريمة دليل على أن المرأة يمكن أن تدير الملك، وتكون حاكمة


(١) ينظر: أحكام القرآن للقرطبي (٣/ ٥٦٩)، الفتح (١٣/ ٥٦)، العواصم من القواصم (٨٣).
(٢) ينظر: الإمامة والسياسة لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (١/ ٥٥)، الكامل في التاريخ لابن الأثير (٣/ ١١٧)، البداية والنهاية (٧/ ٢٣٨).
(٣) منهاج السنة النبوية (٤/ ٣١٦).
(٤) ينظر: البرهان في أصول الفقه (١/ ٣٣١)، الإبهاج للسبكي (٢/ ٢٧٦)، إرشاد الفحول (٤٠١).

<<  <   >  >>