للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتحسن السياسة، وذلك لما أظهرته بلقيس من حصافة الرأي.

ويمكن الجواب عن هذا بأوجه ثلاثة:

الأول: أن ذكر القرآن لما عليه الحال في سبأ، وحكم المرأة لها كان في معرض الحكاية عن حالهم لا عن التشريع، وقد وردت في آيات مكية.

الثاني: أن هذه القصة حكاية عن شرع من قبلنا، والمعلوم عند العلماء أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يأت شرعنا بخلافه (١)، وقد جاءت النصوص بخلافه كما تقدم.

الثالث: أن الهدهد استنكر أمرين في مملكة سبأ: الأول أنهم كانوا يعبدون الشمس. والثاني: أن امرأة تملكهم. قال تعالى على لسان الهدهد: {إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (٢٣) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (٢) ثم إن حكمها لقومها كان قبل إسلامها مع سليمان لله رب العالمين، ولم يأت في القرآن إقرار سليمان لحكمها بعد إسلامها، وما جاء من زواجه منها، أو زواجها من ملك همدان فإسرائيليات لم تثبت.

٣ - الناظر إلى تاريخ مصر في نهاية حكم الأيوبيين يجد أن شجرة الدر وهي أم خليل جارية الملك صالح قد بويعت بالخلافة إثر مقتل توران شاه الملك المعظم، فقد وثب إليه غلمان أبيه الملك الصالح وذلك في المحرم في سنة ثمان وأربعين وستمائة للهجرة.

وقد عقد لها على أنها القائمة بأمور السلطة في مصر، وقدم لها الأتراك ونائبها


(١) النمل: (٢٣ - ٢٤).
(٢) ينظر: البداية والنهاية (١٣/ ٢١٢)، أعلام النساء لعمر كحالة (٢/ ٢٨٦).

<<  <   >  >>