عز الدين أيبك التركماني فروض الولاء والطاعة، وحلفوا على ذلك.
وأجيب عنه بأوجه:
الأول: أنه ليس في هذه الواقعة التاريخية أي سند شرعي أو دلالة شرعية، يستدل بها في أيامنا هذه على حق المرأة في تولي رئاسة الدولة، بل هي مصادمة للنص مخالفة له، فلا يستدل بها، ولا يعول عليها.
الثاني: إن أهل عصرها أنكروا على قومها، ولما بلغ الخليفة المستنصر بالله أبو جعفر وهو ببغداد أن أهل مصر قد سلطنوا عليهم امرأة، أرسل يقول لأمراء مصر:«أعلمونا إن كان لم يبق عندكم من الرجال من يصلح للسلطنة، فنحن نرسل لكم من يصلح لها، أما سمعتم في الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وأنكر عليهم إنكارًا عظيمًا، وهددهم، وحضهم على الرجوع عن توليتها مصر، فلما بلغ شجرة الدر ذلك خلعت نفسها من السلطة برضاها من غير إكراه بعد أن حكمت بالديار المصرية نحو ثلاثة أشهر إلا أيامًا» (١).
الثالث: نوقش بأن تغلب المرأة على السلطة لا يمنحها أهلية الإمامة ووجوب طاعتها فيما تأمر به أو تنهى عنه، وإنما يجب الخروج عليها حال الاستطاعة؛ لأنها مغتصبة لحق ليس لها، ومن غير اختصاصها ومهامها، وعلى الرعية إعادة الأمور إلى نصابها.
فلا يصح افتراض طاعتها لكي لا يتخذ هذا الافتراض ذريعة إلى ش رعية وجودها، وإنما ينفذ تصرفها العام فيما يوافق الحق لضرورة الرعايا ومصلحتهم، مع
(١) ينظر: البداية والنهاية (١٣/ ١٩٠)، أعلام النساء لعمر كحالة (٢/ ٢٨٨).