فالنوع الأول: قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} وفيه مسألتان: المسألة الأولى: في الآية قولان: الأول: كان الرجل في الجاهلية إذا مات، وكانت له زوجة، جاء ابنه من غيرها، أو بعض أقاربه، فألقى ثوبه على المرأة، وقال: ورثت امرأته كما ورثت ماله، فصار أحق بها من سائر الناس، ومن نفسها، فإن شاء تزوجها بغير صداق إلا الصداق الأول الذي أصدقها الميت، وإن شاء زوجها من إنسان آخر، وأخذ صداقها، ولم يعطها شيئًا. فأنزل الله تعالى هذه الآية، وبيّن أن ذلك حرام، وأن الرجل لا يرث امرأة الميت منه، فعلى هذا القول المراد بقوله:{أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ} عين النساء، وأنهن لا يورثن من الميت (١).
والقول الثاني: أن الوراثة تعود إلى المال، وذلك أن وارث الميت كان له أن يمنعها من الأزواج حتى تموت، فيرثها مالها، فقال تعالى:{لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا} أموالهن وهن كارهات.
المسألة الثانية: … {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} العضل المنع، ومنه الداء العضال، واختلف في المخاطب في قوله {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} على أقوال:
الأول: أن الرجل منهم قد كان يَكْره زوجته، ويريد مفارقتها، فكان يسيء العشرة معها، ويضيق عليها حتى تفتدي منه نفسها بمهرها. وهذا القول
(١) انظر: الآثار الدالة على ذلك في: العجاب في بيان الأسباب، لابن حجر (٢/ ٨٥٠)؛ الدر المنثور (٢/ ٤٦٢ - ٤٦٤).