للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنفقة نفقتان: نفقة الموسر، ونفقة المقتر عليه رزقه وهو الفقير، وأقل ما يلزم المقتر من نفقة امرأته المعروف ببلدها، وأقل ما يعده لها ما لا يقوم بدن أحد على أقل منه، وذلك مد النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل يوم من طعام البلد الذي يقتاتون.

وإن كان زوجها موسعًا عليه في الرزق فرض لها مدّين بمد النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وإنما كان أقل الفرض مدًا بالدلالة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في دفعه إلى الذي أصاب أهله في شهر رمضان بعرق فيه خمسة عشر أو عشرون صاعًا لستين مسكينًا، فكان ذلك مدًا لكل مسكين، وإنما جعل أكثر ما فرض مدان؛ لأن أكثر ما جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في فدية الكفارة للأذى مدين لكل مسكين، وبينهما وسط فلا يقصر عن هذا، ولم يتجاوز هذا (١).

ورد الجمهور على الشافعية فقالوا: إن قياس النفقة على الكفارة غير صحيح؛ لأن الكفارة لا تختلف باليسار والإعسار، ولأن تحديد التقدير في الكفارات ليس لكونها نفقة واجبة، بل لكونها عبادة محضة كالزكاة فكانت مقدرة بنفسها (٢).

قال شيخ الإسلام: «ثم من الفقهاء من يقول: إن نفقة الزوجة مقدرة بالشرع، والصواب ما عليه الجمهور أن ذلك مردود إلى العرف كما قال لهند: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» (٣).

قال الحافظ: «والراجح من حيث الدليل أن الواجب الكفاية، ولا سيما وقد نقل بعض الأئمة الإجماع الفعلي في زمن الصحابة والتابعين على ذلك، ولا يحفظ


(١) ينظر: الأم (٥/ ٨٨).
(٢) ينظر: المغني (٨/ ١٥٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٢٢/ ٣٢٩).

<<  <   >  >>