للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجه دلالة الآية أن الرجل إذا أُعسر، وليس في وسعه ما يمكنه من تحصيل النفقة لا يجب عليه التكلف لأجل الإنفاق؛ لأن الله سبحانه لم يكلفه بغير ما في وسعه، وإن كان معسرًا بنفقة زوجته لم يأثم؛ لعدم وجوب النفقة عليه حال إعساره، فلا يكون إعساره بغير ما وجب عليه سببًا للتفريق بينه وبين زوجته.

ونوقش الاستدلال بأن الآية لا تدل على عدم التفريق بين الزوجين بالإعسار؛ لأنه لا يلزم من عدم تكليف المعسر بالإنفاق على زوجته عدم جواز التفريق؛ لأنه شرع لدفع الضرر عن المرأة، وتخليصها من ذلك الزوج الذي لا يستطيع الإنفاق عليها (١).

٣ - ما أخرجه مسلم (٢) في صحيحه من حديث أبي الزبير، عن جابر قال: «دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجد الناس جلوسًا ببابه لم يؤذن لأحد منهم. قال: فأذن لأبي بكر، فدخل. ثم أقبل عمر فاستأذن، فأذن له، فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسًا حوله نساؤه واجمًا ساكتًا. قال: فقال: لأقولن شيئًا أضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها فوجأت عنقها، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: «هن حولي كما ترى يسألني النفقة» فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها كلاهما يقول: تسألن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ليس عنده؟ فقلن: والله لا نسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا أبدًا ليس عنده، ثم اعتزلهن شهرًا، أو تسعًا وعشرين ثم نزلت عليه هذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} حتى بلغ {لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا} … الحديث.

ووجه الدلالة أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- قاما يضربان ابنتيهما


(١) ينظر: أحكام النفقة الزوجية (٩٣).
(٢) كتاب الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بنية (٢/ ١١٠٣) ١٤٧٨.

<<  <   >  >>