للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ سألتاه نفقة لا يجدها، ومن المحال أن يضر با طالبتين للحق، ويقرهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، فدل على أنه لا حق لهما فيما طلبتاه من النفقة في حال الإعسار، وإذا كان طلبهما لها باطلًا فكيف تمكن المرأة من فسخ النكاح بعدم ما ليس لها طلبه، ولا يحل لها، وقد أمر الله سبحانه وتعالى صاحب الدين أن ينظر المعسر إلى الميسرة (١).

ونوقش الاستدلال بأن الزجر عن المطالبة بما ليس عند الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يدل على عدم جواز فسخ النكاح لأجل إعسار الزوج بنفقة زوجته، وأما إقرار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر على ضربهما؛ فلما علم من أن للآباء تأديب الأبناء إذا أتوا ما لا ينبغي، ومعلوم أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يفرط فيما يجب عليه من الإنفاق، فلعلهن طلبن زيادة على ذلك، كما أنه لم يرو أن زوجات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طلبن الفسخ، ولم يجبن إليه (٢)، وكيف يمكن احتمال القول بذلك، وقد خيرهن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك كما جاء في قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} (٣) فاخترنه صلوات الله وسلامه عليه.

٤ - لم يزل في الصحابة المعسر والموسر، وكان معسروهم أضعاف أضعاف موسريهم، فما مكن النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة واحدة قط من الفسخ بإعسار زوجها، ولا أعلمها أن الفسخ حق لها فإن شاءت صبرت، وإن شاءت فسخت، وهو يشرع الأحكام عن الله تعالى بأمره، فهب أن الأزواج تركن حقهن، أفما كان فيهن امرأة


(١) ينظر: زاد المعاد (٥/ ٥١٩).
(٢) ينظر: سبل السلام (٣/ ٢٢٥).
(٣) الأحزاب: (٢٨).

<<  <   >  >>