للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفق الضوابط الشرعية (١)، وانخرطت كثير من النساء في العمل في هذه الميادين، ودخلن سلك التوظيف. غير أن بعض أصحاب النفوس الضعيفة سولت لهم أنفسهم أمرًا، فأحدقت ببعض الموظفات عيون طامعة تتطلع إلى ما في أيديهن من رواتب ظنًا من بعضهم أن المرأة ليست أهلًا للتملك، واعتقاًدا من آخرين أن المرأة لا يحق لها التصرف في مالها أو راتبها، واستغلالًا من الجميع؛ لضعف المرأة، وقلة حيلتها.

ولعل في مقدمة هؤلاء الذين تشربت أنفسهم الطمع، وسيطر على قلوبهم الحرص حتى غطى على بصائرهم: الأولياء والأزواج، فاستخدموا حيلًا شتى لأكل من حرّج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ماله، فيعمد أحدهم إلى الاستيلاء على بطاقة السحب المصرفي ليسحب كدح المسكينة، ويرجع لها فضلته، مظهرًا المنة والفضل، أو يقترض مبالغ ضخمة من البنك باسم الموظفة، ثم يجعلها مثقلة بالديون؛ لتقتطع من راتبها من غير طيب نفس منها، بل إن بعض الآباء يحبس ابنته عن الزواج معللًا فعلته الشنعاء بالخوف على مالها؛ وإذا به اللص الأول لهذا المال، وجمع في فعلته جريمتين شنعاوين: ظلمها المالي، وظلمها النفسي، فأي ذنب فعل؟!.

وقد تقاسي المسكينة وطأة زوج لا يخاف الله فيها فيمتنع عن الإنفاق لدفعها للنفقة، ويرضى أن يقتات على ظهر امرأة، فأي رجولة زعم؟! أيحسب هؤلاء أنهم يربون شاة حلوبًا تغدو عليهم بإناء، وتروح بآخر، ألا فليتق الله الأولياء، وليحذروا من أكل أموال الناس بالباطل، وليتذكروا قول الرب سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٢).


(١) سيأتي ص (٨٩٥).
(٢) البقرة: (١٨٨).

<<  <   >  >>