للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - إن من أعظم ما انفردت به شريعة الإسلام - فيما أعلم- أن جعلت دية القتل الخطأ وما في حكمه على عاقلة الجاني.

والدليل على ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الديات، باب: العاقلة) (١) من طريق أبي جحيفة قال: سألت عليا -رضي الله عنه- هل عندكم شيء ما ليس في القرآن؟ فقال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهمًا يعطى رجل في كتابه، وما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: «العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر».

• وما تقدم -أيضًا- من حديث أبي هريرة: «وفيه: (وقضى أي: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) أن دية المرأة على عاقلتها».

يقول الشوكاني: « … وعاقلة الرجل قراباته من قبل الأب، وهم عصبته، وهم الذين كانوا يعقلون الإبل على باب ولي المقتول، وتحميل العاقلة الدية ثابت بالسنة، وهو إجماع أهل العلم كما في الفتح (٢)، وتضمين العاقلة مخالف لظاهر قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ} (٣) فتكون الأحاديث القاضية بتضمين العاقلة مخصصة لعموم الآية؛ لما في ذلك من المصلحة؛ لأن القاتل لو أخذ بالدية لأوشك أن تأتي على جميع ماله، لأن تتابع الخطأ لا يؤمن، ولو ترك بغير تغريم لأهدر دم المقتول، وعاقلة الرجل عشيرته، فيبدأ بفخذه الأدنى، فإن عجزوا ض م إليهم الأقرب فالأقرب المكلف الذكر الحر من عصبة النسب، ثم السبب، ثم في بيت المال» (٤).

وقد راعت الشريعة في إيجاب الدية على العاقلة أمرين مهمين:


(١) (٦/ ٢٥٣١) ٦٥٠٧.
(٢) (١٢/ ٢٤٦).
(٣) الأنعام: (١٦٤).
(٤) نيل الأوطار (٧/ ٢٤٣).

<<  <   >  >>