للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى في سورة البقرة: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} أي وإن اختلف الرجل والمرأة فطالبت المرأة في أجرة الرضاع كثيرًا، ولم يجبها الرجل إلى ذلك، أو بذل الرجل قليلًا ولم توافقه عليه، فليسترضع له غيرها، فلو رضيت الأم بما استؤجرت به الأجنبية فهي أحق بولدها» (١).

ومن هنا يتبين أن الولد إن كان في حضن أمه بعد فراقها لأبيه، فإن الشرع يلزمه بأجرة الرضاعة، وتقدم الأم إذا طلبت أجر مثلها على المتبرعة، يقول ابن قدامة في المغني (٢): «وأما الدليل على وجوب تقديم الأم إذا طلبت أجر مثلها على المتبرعة فقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٣) وقوله: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (٤) ولأن الأم أحنى، وأشفق، ولبنها أمرأ من لبن غيرها، فكانت أحق به من غيرها كما لو طلبت الأجنبية رضاعة بأجر مثلها؛ ولأن في رضاع غيرها تفويتا لحق الأم في الحضانة، وإضرارًا بالولد، و لا يجوز تفويت حق الحضانة الواجب، والإضرار بالولد؛ لغرض إسقاط حق أوجبه الله تعالى على الأب … فأما إن طلبت الأم أكثر من أجر مثلها، ووجد الأب من ترضعه بأجر مثلها أو متبرعة جاز انتزاعه منها؛ لأنها أسقطت حقها باشتطاطها،


(١) التفسير (٤/ ٣٨٤).
(٢) (٨/ ٢٠٠).
(٣) البقرة: (٢٣٣).
(٤) الطلاق: (٦).

<<  <   >  >>