للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ماء … وليس معهم ماء، فعظم الأمر عليهم؛ لما تقرر عندهم من شرطية الوضوء ووجوبه عليهم.

وتمضي الساعات الحرجة … واللحظات العصيبة ما بين ملتمس للعقد، ومرتقب للماء؛ لتهب نسمات الفرج الرخية مع تباشير الصبح الندية: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (١) وتجد عائشة عقدها أقرب ما يكون إليها، تحت بعيرها الذي كانت تركبه. وتنزل آيات الرخصة في ذروة الحاجة إليها؛ ليستبشر بها الصحابة، والأمة بأسرها، فتأمل كيف صارت البلية نعمة أبدية، والمحنة منحة ربانية!! وآل أمر القلادة التي سَخِطها الناس، وتبرموا منها إلى بركة وخير ويسر: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (٢).

• وفيه ما كان عليه من حلم عظيم، واستشعار لعظمة الأمانة، فقد اهتم لأمر ضياع العقد الذي تقلدته عائشة، واستجدى الحل النافع لأمره، فبعث في أثره «رجالًا يبتغونها» وفي رواية أبي داود (٣) «فبعث أسيد بن حضير، وأناسًا معه في طلب قلادة أضلتها عائشة» استنفر الرجال، واستبصر الصبر الجميل، وأحسن الظن بالله، فظفر بخيرين: القلادة، وآيات التيمم.

• وفيه بيان حال خيار هذه الأمة، وحال نبيهم -صلى الله عليه وسلم- في تلك الشدة، فقد استثقل الناس ما حلّ بهم، حتى شكوا أمرهم إلى أبي بكر الصديق الذي ضاق ذرعًا، وأسي من صنيع ابنته.،. فأتاها معاتبا ومؤدبًا قالت: «فعاتبني أبو بكر، وقال


(١) الشرح: (٥).
(٢) النساء: (١٩).
(٣) (١/ ٨٦) ٣١٧.

<<  <   >  >>