للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضعهم.

وماذا يبتغي الناس من تجربة فاشلة كهذه؟ أفلا يتدبرون (١). وقد أكد هذا الكلام (أجوست كونت) حيث يقول: «ينبغي أن تكون حياة المرأة بيتية، وألا تكلف بأعمال الرجال؛ لأن ذلك يقطعها عن وظيفتها الطبيعية، ويفسد مواهبها الفطرية، وعليه فيجب على الرجال أن ينفقوا على النساء دون أن ينتظروا منهن عملًا ماديًّا كما ينفقون على الكتاب والشعراء والفلاسفة، فإذا كان هؤلاء يحتاجون الساعات كثيرة من الفراغ لإنتاج ثمرات قرائحهم، كذلك يحتاج النساء لمثل تلك الأوقات ليتفرغن فيها لأداء وظيفتهن الاجتماعية من حمل ووضع وتربية» (٢).

إن الحكم على وظائف المرأة -من حمل وإرضاع ورعاية أبناء- بأنه لا شيء، وأن بقاءها في بيتها، واقتصارها على تلك الوظائف يجعلها عاطلة، يعتبر حكمًا سطحيًّا محجوبًا عن تبيين الحقائق، فإننا حين ننظر في جدول يوازن بين عمل المرأة والرجل -من حيث الجدوى على الحياة ومجد الدولة- نرى أن المرأة قد ذهبت باللب، والرجل قد قام من ذلك اللب بدور، لا يقال: إنه ثانوي ولكنه ليس في صميم اللب. فأي الدورين يكون صاحبه عاطلًا؟ إذا كان مقياس العمل والعطل هو الإنتاج للحياة؟ ماذا يكون أجر من ثمرتهما طفل؟ وأجر من ثمرته جلب حزمة من حطب، أو بضع ثمرات من شجرة قريبة؟! ولكن الحياة لا تجزي ذلك الأجر النقدي، فإن ثمر المرأة ومقامها أجلّ من أن يقدر بعرض» (٣).

وهذا الإنجليزي (سامويل سمائلس) وهو من أركان النهضة الإنجليزية


(١) ينظر: حصوننا مهددة من داخلها لمحمد حسين (٩٠ - ٩٤).
(٢) نقلًا عن كتاب إسلامنا لسيد سابق (٢٢٠).
(٣) ينظر: الإسلام وقضايا المرأة المعاصرة، للبهي الخولي (٢٣٠).

<<  <   >  >>