للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في غيابه، وبالأولى في حضوره؛ لأنها لا تفعل ذلك خوف سلطته وعقوبته، إنما تفعله ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته (١)، وفي الآية ملمح إيماني آخر جدير بالتأمل والاعتبار وهو قوله سبحانه {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} فالذي يحفظ هو الله، وما التوفيق إلا منه سبحانه، وهذا من باب إضافة المصدر إلى الفاعل، وفيه وجه آخر من باب إضافة المصدر إلى المفعول، ويكون المعنى أن المرأة إنما تكون حافظة للغيب بسبب حفظها الله في حدوده وأوامره، ومن ذلك طاعة زوجها (٢).

وهذا القسم من النساء ليس للرجال عليهن شيء من سلطان التأديب (٣)، لا الوعظ ولا الهجر ولا الضرب؛ لقيامهن بحقوق أزواجهن ابتداءً، فلله در من كانت تلك صفاتها.

• ثم بيّن الله للرجل القسم الثاني من النساء بقوله: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا}.

ونشوز المرأة مأخوذ من النشز، وهو ما ارتفع من الأرض، والمرأة الناشز هي التي ارتفعت عن طاعة زوجها، يقول ابن الأثير: «يقال: نشزت المرأة على زوجها، فهي ناشز وناشزة إذا عصت عليه، وخرجت عن طاعته، ونشز عليها زوجها إذا جفاها وأضر بها، والنشوز كراهة كل واحد منهما صاحبه، وسوء عشرته» (٤) فالمرأة


(١) ينظر: تفسير الطبري (٥/ ٢٧)، تفسير ابن كثير (١١/ ٤٩٣).
(٢) التفسير الكبير للرازي (١٠/ ٧٢).
(٣) ينظر: حقوق النساء في الإسلام، لمحمد رشيد رضا (٥١).
(٤) ينظر: لسان العرب (٥/ ٤١٨) مادة (ن ش ز).

<<  <   >  >>