للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخارجة عن طاعة زوجها كالناشز من الأرض الذي خرج عن الاستواء (١).

• وفسر بعض العلماء خوف النشوز بتوقعه، يقول الرازي: «واعلم أن الخوف عبارة عن حال يحصل في القلب عند ظن حدوث أمر مكروه في المستقبل، قال الشافعي: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} قد يكون قولًا، وقد يكون فعلًا، فالقول مثل إن كانت تلبيه إذا دعاها، وتخضع له بالقول إذا خاطبها ثم تغيرت، والفعل مثل إن كانت تقوم إليه إذا دخل عليها، أو كانت تسارع إلى أمره، وتبادر إلى فراشه باستبشار إذا التمسها، ثم إنما تغيرت عن كل ذلك، فهذه أمارات دالة على نشوزها وعصيانها، فحينئذ ظن نشوزها، ومقدمات هذه الأحوال توجب خوف النشوز» (٢).

وقال آخرون معنى تخافون أي: تعلمون وتتيقنون، وذهبوا في ذلك إلى أن وقوع النشوز هو الذي يوجب الوعظ، واحتجوا في جواز وقوع الخوف بمعنى اليقين بقول أبي محجن:

ولا تدفني بالفلاة فإنني … أخاف إذا ما مِتّ أن لا أذوقها (٣)

ويَرِدُ سؤال للمتأمل: لِمَّ استبدل لفظ العلم، بلفظ الخوف، أو لِمَ لَمْ يقل: واللاتي ينشزن؟

لا جرم أن في تعبير القرآن حكمة لطيفة وهي أن الله تعالى لما كان يحب أن تكون المعيشة بين الزوجين معيشة محبة ومودة وتراض والتام، لم يشأ أن يسند


(١) النهاية (٥/ ٥٥) مادة (ن ش ز).
(٢) التفسير الكبير (١٠/ ٧٣) وانظر: تفسير ابن كثير (١/ ٤٩٣).
(٣) ينظر: تفسير الطبري (٥/ ٦٢)، المحرر الوجيز للأندلسي (٢/ ٤٨).

<<  <   >  >>