للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا يتبين أن معنى الهجر: الترك، وينقسم إلى قسمين:

- هجر مضجع كما دلت عليه الآية {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}.

- أو هجر بيت، وعليه بوّب البخاري في صحيحه في كتاب النكاح، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه في غير بيوتهن. ويذكر عن مُعاوية بن حَيدة رفعه: ولا تهجر إلا في البيت (١). والأول أصح. ثم أورد حديث أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حلف لا يدخل على بعض نسائه شهرًا … الحديث.

قال الحافظ: قوله: «باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- نساءه في غير بيوتهن، كأنه يشير إلى قوله: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} لا مفهوم له، وأنه تجوز الهجرة فيما زاد على ذلك كما وقع للنبي -صلى الله عليه وسلم- من هجره لأزواجه في المشربة» (٢) وقال: « … والحق أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال، فربما كان الهجران في البيوت أشد من الهجران في غيرها، وبالعكس، بل الغالب أن الهجران في غير البيوت آلم للنفوس، وخصوصًا النساء؛ لضعف نفوسهن» (٣).

٣ - ثم انتقل في علاج الزوجة الناشز {وَاضْرِبُوهُنَّ} وهذه الكلمة في كتاب الله ضوابط وأحكام إليك بيانها:

أ- ألا يلجأ الرجل إلى الضرب إلا للضرورة، وبعد استنفاد وسيلة الوعظ والهجر في المضجع، وتركه مع هذا أولى تأسيًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي ما ضرب شيئًا قط بيده، ولا امرأة، ولا خادمًا إلا أن يجاهد في سبيل الله (٤)، ولأن خيار المسلمين لا


(١) (٥/ ١٩٩٦) ٤٩٠٦.
(٢) قال ابن الأثير في النهاية (٢/ ٤٥٥): «المشربة بالضم، والفتح الغرفة» مادة (ش ر ب).
(٣) الفتح (٩/ ٢١٢).
(٤) جزء من حديث عائشة أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب: مباعدته -صلى الله عليه وسلم- للآثام، واختياره من المباح أسهله، وانتقامه لله عند انتهاك حرماته (٤/ ١٨١٣) ٢٣٢٨.

<<  <   >  >>