للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: « … وأمّا الضرب المبرح فهو الضرب الشديد الشاق، ومعناه: اضربوهن ضربًا ليس بشديد ولا شاق، والبرح المشقة» (١) وفسّره الفقهاء بأنه الذي لا يكسر عظمًا، ولا يشين شيئًا؛ لأن القصد منه الإصلاح والتأديب، لا التشفي والهلاك (٢).

فإن اعتدى الرجل في ضرب زوجته حتى أفضى إلى التلف، فقد وجب الغرم على مسائل القصاص في كتاب الحدود، يقول النووي: «فإن أفضى إلى تلف وجب الغرم؛ لأنه تبين أنه إتلاف، لا إصلاح، ثم الزوج وإن جاز له الضرب، فالأولى له العفو» (٣).

• ثم ختم الرب جل وعلا الآية بقوله: {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}، فإذا رجعت المرأة عن النشوز إلى الطاعة عند هذا التأديب {فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} أي: لا تطلبوا عليهن الضرب والهجران طريقًا على سبيل التعنت والإيذاء (٤)، يقول الشيخ محمد رشيد رضا: «أي إن أطعنكم بواحدة من هذه الخصال التأديبية، فلا تبغوا بتجاوزها إلى غيرها طريقًا، فابدؤوا بما بدأ الله به من الوعظ، فإن لم يفد فليهجر، فإن لم يفد فليضرب» (٥) وتأمل ختم الآية {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} بصفتي العلو والكبر لله سبحانه، وهذا في غاية الحسن. وبيانه من وجوه:


(١) شرح صحيح مسلم (٨/ ١٨٤).
(٢) ينظر: تفسير الثعالبي (١/ ٣٧٠)، تفسير القرطبي (٥/ ١٧٢).
(٣) روضة الطالبين (٧/ ٣٦٨).
(٤) ينظر: التفسير الكبير (١٠/ ٧٤)، تفسير القرطبي (٥/ ١٧٣)، تفسير ابن كثير (١/ ٤٩٣).
(٥) حقوق النساء في الإسلام (٥٥).

<<  <   >  >>