للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مفسدة، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح؛ وخلاصة القول في تقدير معنى (الخوف) في الآية، أن المسلم يجب عليه عند إرادة الزوجة الثانية -أو من بعدها- أن يقدر الأمر، ويرجع إلى شواهد حاله، ومقدرته النفسية، والمالية، والجسدية، فإن تيقن أنه لن يعدل، وجب عليه الاقتصار على الواحدة، وإن غلب على ظنه عدم العدل وجب أيضًا ألّا يعدد، ولا يباح له التعدد إلا إذا أمن الظلم، ووثق من إمكان العدل ويسره، أو غلب على ظنه.

وعلل سبحانه لمن خاف على نفسه عدم العدل وجوب الاقتصار على واحدة بقوله: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} أي: ألا تحوروا ولا تظلموا، وهذا المعنى هو ما ذهب إليه أكابر علماء التفسير ابن جرير، والقرطبي، وابن كثير وغيرهم، وهو مذهب جماهير المفسرين (١).

ووجوب العدل بين الزوجات يؤخذ أيضًا من سياق الآية يقول تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} يقول الشنقيطي في أضواء البيان (٢): «وقال بعض العلماء معنى الآية {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} أي إن خشيتم ذلك، فتحرجتم من ظلم


(١) ينظر: تفسير الطبري (٤/ ١٦٠)، تفسير القرطبي (٥/ ٢٠)، مجموع الفتاوى لابن تيمية (٣٢/ ٧٠)، تفسير ابن كثير (١/ ٤٩٠).
وقال الشافعي في معنى الآية: أي ألا تكثر عيالكم. وقدح فيه الزجاج، وأنكره ابن العربي. ينظر: تفسير الثعالبي (١/ ٣٤٩)، أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٤٠٧)، فتح القدير للشوكاني (١/ ٤٢١).
(٢) (١/ ٢٢٣) وانظر سبب نزول الآية والتفصيل في المسألة في كتاب «تعدد الزوجات للدكتور/ وهبة الزحيلي (٩)، والعدل في التعدد للدكتور عبد الله الطيار (٩٨).

<<  <   >  >>