العزيز بن محمد والشيخ محمد ولاية عهد الملك للأمير سعود بن عبد العزيز وصار مع هذا هو قائد الجيوش وأصبح الإِمام عبد العزيز بن محمد هو الوالي الإداري العام واعتزل الشيخ محمد أعمال شؤون الملك الإدارية والعسكرية واكتفى بالقيام بالأعمال الدينية والإشراف عليها في جميع بلدان المملكة. وبهذا توزعت المهام تبعًا لكثرتها وأهميتها وصارت الدرعية - عاصمة - للجزيرة العربية ومثابة ومهاجرًا للبلدان المجاورة وانتقلت عن دورها الأول كبلدة صغيرة من بلدان نجد إلى طور كبير لم تشهده الجزيرة العربية منذ قرون بعيدة من اتساع العمران وازدحام السكان ووفرة المال. . وصار بها نهضة دينية وعلمية حيث توافد إليها علماء أقطار الجزيرة وطلابها وراجت فيها سوق العلم والكتب وعقدت في جوامعها ومساجدها حلقات الدروس. وصار فيها جيش منظم كامل العدة وافر السلاح ودانت لها غالب الجزيرة العربية وألقت إليها يد الطاعة. فما توفي الشيخ محمد - رحمه الله تعالى - حتى أقر الله عينه بنجاح دعوته ورأى ثمرة جهاده بفضل الله تعالى وتوفيقه وإعانته ثم بمساعدة هؤلاء الأئمة الحاكمين من آل سعود الذين أيدوه ونصروه وصاروا الساعد الأيمن في تمكين هذه الدعوة وتثبيتها ولينصرنَّ الله من ينصره إن الله لقوي عزيز.
وإلى جانب جهاد الشيخ محمد - رحمه الله تعالى - بالقول والرسائل التي يرسلها إلى العلماء والأمراء وإلى جانب اشتغاله بشؤون الحكم وعقد حلقات الدروس والإشراف على مهام الأمور فإنه أيضًا لم يغفل جانب التأليف فألف مؤلفات نافعة وكتبًا مفيدة عليها المعول في الدرس والحفظ والفهم حتى اليوم وله طريقة - في التأليف - فريدة نافعة ذلك أنه يميل إلى الخلاصات المفيدة من المراجع والكتب فيأخذ منها ثمرتها وزهرتها ويترك ما لا تدعو الحاجة إليه من المسائل، وهذا فيه توفير عظيم لوقت القارئ والمطالع وتقريب المسائل الهامة للناشئ والمستفيد وإعطاء للعالم الكبير العلم. من أسهل طرقه وأقربها وأوثقها، فمن سلسلة هذه المؤلفات:
١ - كتاب التوحيد - وهذا كتاب من أنفس الكتب ولم يصنف على منواله. وأسأل الله تعالى أن يمن علي بشرحه على ما أريد.