للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

داره العقيدة الواسطية فقرأوها في ثلاثة مجالس ووقع الاتفاق على أنها عقيدة سنية سلفية ثم تعصب عليه جماعة في مصر فطلبه ابن مخلوق قاضي المالكية إلى القاهرة على البريد فوصلها في حادي عشر رمضان من السنة المذكورة وحبس بالقلعة وعقد له مجلس فلم يثبت عليه شيء ثم حبس هو وأخوه شرف الدين في برج ويقال أن شرف الدين هذا ابتهل ودعا الله عليهم فمنعه الشيخ وقال له بل قل اللهم هب لهم نورًا يهتدون به وفي ربيع الأول سنة سبع وسبعمائة أطلق الشيخ من السجن فأقام بمصر يقرئ العلم ويجتمع عليه الخلق ثم حصل منازعة بينه وبين جماعة من الصوفية فحبس ثم أخرج إلى الاسكندرية إلى برج حسن ولما تولى الملك الناصر محمد بن قلاون في شوال سنة تسع وسبعمائة أحضر الشيخ إلى القاهرة وأكرمه إكرامًا زائدًا وتلقاه في مجلس حافل فيه القضاة والفقهاء وأعيان الدولة وسكن الشيخ بالقاهرة والناس يترددون إليه ثم قدم دمشق هو وأخواه شرف الدين عبد الله وزين الدين عبد الرحمن عام اثني عشر وسبعمائة بنية الجهاد لما قدم السلطان لكشف التتار فخرج خلق كثير لتلقيه وسر الناس بمقدمة وفي سنة ثمان عشرة وسبعمائة ورد من السلطان أمر يمنعه من الفتوى في مسألة الطلاق وعقد له مجلس بدار السعادة ثم عقد له ثانية ثم ثالثة وحبس بالقلعة ثم حبس مرة أخرى ومنع بسبب ذلك من الفتيا مطلقًا فأقام مدة يفتي بلسانه ويقول لا يسعني كتم العلم ثم تكلموا معه في مسألة المنع من السفر إلى قبور الأنبياء والصالحين وأفتى قضاة مصر الأربعة بحبسه فحبس بقلعة دمشق سنتين وأشهرًا حتى مات رحمه الله وقد بقي مدة في القلعة يكتب العلم ويصنفه ويرسل إلى أصحابه الرسائل حتى أنه قال قد فتح الله علي بهذا الحصن هذه المرة معاني القرآن ومن أصول العلم بأشياء مات كثير من أهل العلم يتمنونها ثم أنه منع من الكتابة ولم يترك عنده دواة ولا قلم ولا ورق فأقبل على التلاوة والتهجد والذكر. وقال مرة ما بصنع أعدائي بي أنا بستاني في صدري أين رحت فهو معي أنا حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة ولما دخل القلعة وصار داخل سورها نظر إليه وقال فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب وقد حدث الشيخ كثيرًا وسمع منه خلق من الحفاظ

<<  <   >  >>