وغيرهم من الحديث ومن تصانيفه - وبالجملة فكان الشيخ لمزيد علمه لا تقوى عَلَى مناظرته الخصوم ولشدة لهجته لا يثبت على عشرته أحد إلا قليلًا حتى أن أبا حيان المفسر النحوي كان اجتمع به وامتدحه بأبيات نظمها بديهة وأنشده إياها وهي قوله:
لما أتانا تقي الدين لاح لنا … داع إلى الله ما له وَزَرُ
على محياه من سيما الأولى صحبوا … خير البرية نور دونه القمر
حبر تسربل منه دهره حبرًا … بحر تقاذف من أمواجه الدرر
قام ابن تيمية في نصر شرعتنا … مقام سيد تيم إذ مضت مضر
وأظهر الحق إذا اثاره اندرست … وأخمد الشر إذ طارت له شرر
يا من يحدث عن علم الكتاب اصخ … هذا الإِمام الذي قد كان ينتظر
ثم ناظره ابن حيان في مسألة احتج فيها بكلام لسيبويه فقال له الشيخ ما كان سيبويه نبي النحو ولا معصومًا بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعًا لا تفهمها أنت فكان ذلك سبب المقاطعة بينهما فذكره أبو حيان في تفسيره البحر ومختصره النهر بكل سوء - وكتب قاضي القضاة ابن الزملكاني تحت طرة بعض كتب الشيخ ما صورته:
ماذا يقول الواصفون له … وصفاته جلت عن الحصر
هو حجة لله قاهرة … هو بيننا أعجوبة الدهر
هو آية في الخلق ظاهرة … أنواره أربت على الفجر
وقال العلامة ابن حجى أنشدني الشيخ شمس الدين الموصلي لنفسه:
أن كان إثبات الصفات جميعها … من غير كيف موجبًا لومى
وأصير تيميًا بذلك عندكم … فالمسلمون جميعهم تيمي
ولم يل الشيخ شيئًا من الولايات مع تأهله لذلك وتمكنه بل كان متقللًا زاهدًا قانعًا باليسير إلى آخر حياته وكان دخوله القلعة في شعبان سنة ست وعشرين وتوفي بها ليلة الاثنين العشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين