للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأردتها عن نفسها، فقالت: ويلك أما كان لك زاجر من عقل إذا لم يكن لك ثانٍ من دين؟ فقلتُ: إنه لا يرانا إلا الكواكب، فقالت: فأين مكوكبها؟ (١).

قال الشاعر:

وإذا خلوتَ بريبةٍ في ظلمةٍ ... والنفسُ داعيةٌ إلى الطغيانِ

فاستحيي من نظر الأله وقل لها ... إنَّ الذي خلقَ الظلام يراني (٢)

فالعاقل من يراقب ربه، ويحذر سوء المنقلب.

عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لأَعلَمَنَّ أقوَاماً من أُمتى يأتُونَ يومَ القيامةِ بحَسَنَاتٍ أَمثالِ جبالِ تِهاَمةَ، بِيضاً، فيجعلُها اللهُ هباءً منثوراً. أَمَّا إنَّهُم إخوانُكم ومن جلدَتِكم ويأخُذونَ مِنَ الليلِ كما تأخذُونَ، ولكنهُم، أقوَامٌ إذا خَلَوا بمحارمِ اللهِ، انتَهَكُوهَا" (٣).

والعاقل من يعظم ربه في الغيب والشهادة، ويضع مقام الخشية نصب عينه دائماً، فيحلو في العيون، ويعظم عند مولاه.

قال القاسم بن محمد: "كنا نُسافر مع ابن المبارك، فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي: بأي شيءٍ فُضِّل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس هذه الشهرة؟، إن كان يصلي إنَّا لنصلي، ولئن كان يصوم إنَّا لنصوم، وإن كان يغزُو فإنا لنغزو، وإن كان يحج إنَّا لنحج.

قال: فكنا في بعض مَسيرنا في طريق الشام ليلةً نتعشَّى في بيتٍ إذ طَفئ


(١) "روضة المحبين" (٤٤٨) للإمام ابن القيم.
(٢) "نونية القحطاني" (٢٥).
(٣) صحيح. أخرجه ابن ماجه (٤٢٤٥)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٠٢٨).

<<  <   >  >>