للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: لقد عشنا برهة من دهرنا واحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد - صلى الله عليه وسلم - فنتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها، وما ينبغي أن يقف عنده منها، كما تعلمون أنتم اليوم القرآن، ثم لقد رأيت اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه فينثره نثر الدقل (١).

هذا الأثر يدل على أن الصحابة الكرام كانوا يعتنون بالوقف، ويبين هذا الأثر نقد ابن عمر لذلك الواقع المؤلم بعدم العناية، فكيف لو سمع طلاب المدارس وخريجي بعض الجامعات كيف يرسلون القراءة مملوة بالأخطاء دون مراعاة للوقف أو الابتداء كما شبه هذا السوء بالتمر اليابس الرديء.

ولهذا "حض الأئمة على تعلمه ومعرفته والاعتناء به، واشترط كثير من العلماء على المجيز ألا يجيز أحدًا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء؛ لأن به تعرف معاني القرآن، ولا يمكن استنباط الأدلة الشرعية إلا بمعرفة الفواصل" (٢).

ومما تقدم يتضح لنا أن الوقف والابتداء كان محل عناية رسول الله والصحابة رضوان الله عليهم لما يترتب عليه من إيضاح المعاني القرآنية للمستمع، وذلك لا يتأتى إلا إذا كان قارئ القرآن على دراية واسعة ومعرفة تامة بالوقوف.


(١) أخرجه ابن النحاس في "القطع والائتناف" (٢٧)، والييهقي في الكبرى (٣/ ١٢٠).
(٢) ينظر مقدمة كتاب "المكتفى في الوقف والابتدا" (٥٧) للدكتور يوسف المرعشلي.

<<  <   >  >>