للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعل الحكمة في هذا الفن من علوم القرآن الكريم ما حكاه الإمام النووي بقوله: "وينبغي للقارئِ إذا ابتدأ من وسط السورة، أو وقف على غير آخرها أن يبتدئَ من أول الكلام المرتبط بعضُهُ ببعض، وأن يقف على الكلام المُرتَبط، ولا يتقيد بالأجزاء والأعشار، فإنها قد تكونُ في وسط الكلام المرتبط، كالجزء الذي في قوله: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} [يوسف: ٥٣]، {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤]،" ... ، فكل هذا وشبيهُهُ ينبغي أن لا يبتدأُ به لا يُوقف عليه، فإنه مُتعلقٌ بما قبلهُ، ولا يغترُّ الإنسانُ بكثرةِ الغافلين له من القراء الذين لا يُراعُونَ هذه الآداب ولا يفكرون في هذه المعاني .. ، ولهذا المعنى قال العلماءُ: قراءةُ سورةٍ قصيرةٍ بكمالها أفضلُ من قراءة بعض سورة طويلة بقدر القصيرة، فإنه قد يخفى الارتباط على بعض الناس في بعض الأحوال (١).

قلت: ولهذا قسم أهل العلم الوقف إلى قسمين، الوقف الاختياري، والاضطراري، وفصلوا في الوقف الاختياري إلى تام وكافي وحسن وقبيح.

كما قسموا الابتداء إلى حسن وقبيح، ومزيد من الحديث عن السكت والقطع وغير ذلك مما هو مبسوط في علم التجويد بما لا يسمح المجال إلى تفصيله والاستشهاد عليه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "القراءة بأواخر السور وأواسطها فلم يكن غالباً عليهم، ولهذا يتورع في كراهة ذلك، وفيه النزاع المشهور في مذهب أحمد وغيره، ومن أعدل الأقوال في ذلك، قول من كره اعتياد ذلك دون


(١) "التبيان" (٦٤ و٦٥).

<<  <   >  >>