للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (٢٠)} [الفرقان: ٢٠] أي يحترفون ويتجرون، واختص الله سبحانه داود عليه السلام بصناعة الدروع للوقاية في الحروب.

وقال سبحانه: {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (٨٠)} [الأنبياء: ٨٠].

وسجل القرآن مقالة إحدى ابنتي صاحب مدين بعد أن سقى لهما موسى -عليه الصلاة والسلام-: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: ٢٦].

وعلى لسان يوسف -عليه الصلاة والسلام-: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: ٥٥].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كان زكريا نجاراً" (١).

قال المناوي:

"فيه إشارة إلى أن كل أحد لا ينبغي له أن يتكبر عن كسب يده؛ لأن نبي الله -مع علو درجته- اختار هذه الحرفة، وفيه أن التجارة لا تسقط المروءة، وأنها فاضلة لا دناءة فيها، فالاحتراف فيها لا ينقص من مناصب أهل الفضائل" (٢).

قال القرطبي: "بل الحرف والصنائع غير الدينية زيادة في فضل أهل


(١) أخرجه مسلم (٢٣٧٩) في كتاب الفضائل، باب: من فضائل زكريا عليه السلام.
(٢) "فيض القدير" (٤/ ٥٤٤).

<<  <   >  >>